مقدمة
تعتبر الأفلام الرعب والإثارة من أكثر الأنواع جاذبية في تاريخ السينما، حيث يغمر الجماهير بالفزع والتوتر. ورغم أن عناصر مثل السيناريو الرائع والتمثيل الممتاز يلعبان دورًا هامًا في إيجاد تلك التجارب المخيفة، إلا أن هناك جانبًا آخر يسهم بشكل حاسم في خلق جو الرعب: الجانب السمعي.
الخوف الطبيعي: الأصوات المزعجة
في بدايات القرن العشرين، اكتشف الطبيب النمساوي إيرنست مورو أن الخوف الوحيد الذي يكون في الإنسان منذ الولادة، بجانب خوف السقوط، هو الخوف من الأصوات العالية. يتجلى هذا الرد الفعل الفطري في الرضع عند تعرضهم لأصوات عالية. وعلى الرغم من أن هذا الرد يتوقف تلقائيًا بعد خمسة أشهر من العمر، يظل هذا الخوف جذوره متشعبة في الإنسان طوال حياته.
البنية الصوتية للرعب
تستخدم صناعة السينما بشكل رئيسي ردود الفعل الجسدية للأصوات لإثارة الرعب. فالقفزة المفاجئة، حينما يظهر عنصر بصري مصحوبًا بصوت عالٍ، تعد أساسية. ولكن هذه ليست الظاهرة الصوتية الوحيدة المرتبطة بالرعب.
الصوتوات المرعبة: خلق جو مرعب
كان في القرون الوسطى يُمنع استخدام الثلاثية الصوتية (التريتون) في الموسيقى بسبب الإحساس بعدم الراحة الذي تسببه. حتى أُطلق عليها اسم "diabolus in musica" أو "الشيطان في الموسيقى" بسبب اعتقاد أن صوتها الشرير يأتي من مكان شيطاني.
البُعد الروائي للخوف
ليس الهدف من الموسيقى الرعبية فقط خلق الرعب بشكل عام، بل لها أيضًا أبعاد روائية تعزز السرد في الفيلم. في فيلم "جوز" على سبيل المثال، يتمثل الخطر في تكرار نغمتين فقط تتناوبان بشكل أسرع، تُمثل كل منهما نبض القلب أو التنفس المتسارع، مما يزيد من التوتر والخوف.
البناء السردي للرعب السمعي
يُظهر هذا النوع من الموسيقى السينمائية تأثيره في البناء السردي. فمثلًا، في فيلم "جوز"، يزيد التوقع بسبب الوجود الكامن لكائن يمكنه الهجوم في أي لحظة. وهذا اللعب بتوقعات المشاهدين هو ما يجعل السرد الموسيقي فعالًا.
البحث عن أبعاد جديدة للرعب السمعي
كما أسهمت التقنيات الحديثة في تطوير فن الرعب السمعي، حيث تجربة تصميم الأصوات لتكون أكثر قوة وواقعية، بما في ذلك تقنيات فولي واستخدام أجهزة توليد أصوات مخيفة.
الاستنتاج
تظل الموسيقى السينمائية جزءًا لا يتجزأ من تجربة الرعب، فهي ليست مجرد إضافة إلى الصورة، بل لها دور هام في خلق جو الرعب وتعزيز السرد. إن فهم كيفية تأثير الأصوات المرعبة يمكن أن يكون مفتاحًا لفهم سحر الأفلام الرعب ولماذا تظل هذه التجارب خالدة في ذاكرة المشاهدين.